العزاء .....
قصةقصيرة بقلم شهير احمد
تقدمة لا بد منها.....
الي صديقي علي عيسي اديب من طينة الكبار وانسان شفيف من كما النسمة..
امبارح شايفك بتساسق بين القلب وناصية شارع
وكان متوكي عليك الزمن الفالت...
????????
بين النائم والمستيقظ
نظر الي تلك الساعه بجانب السرير ، كانت تلمع فوجدها تعلن الثانية صبحا وقليلا فحاول ان ينوم ثانية ولكن الرنين تواصل لا ينتهي حتي يعاود مرة اخري وكان هذه المره اكثر الحاحا وبرغم محاولته ان يعود للنوم....... ولكن الجرس كان ينتهي ليعود من جديد اكثر الحاحاً ، لا يدري لماذا احس بان هذا الرنين يقطر حزناً ، حينها نظر الي هاتفه( ولم يكن ان يسجل اسماء من يحب) فهو يضع ارقامهم في قلبه.... وكأن ذلك عدم يقين منه بالتكلوجيا فهو يظن ان ارقام من نحب مكانها القلب وليس مجرد جهاز قد يصببه العطب في اي وقت ..
وعند ما نظر للتلفون مجددا وجد المتصل يبداء رقمه بصفرين اتنين احدي عشر فعلم انه صديقه يتصل من الدوله الوليده ولمح الساعة مرة اخري ووجدها تجاوزت الثانيه فقال لنفسه حتما ان صديقه قد تناول كاسين وخطر له ان بتجازب الونسه فهو يعرف صديقه لا يعنيه الوقت كثيرا فحاول ان يتناوم عنه ولكن الرنين عاد وكان اظهر حزنا فحمل الهاتف وجاوب بتثاوب مرحب يا صديقي ....
ومن الطرف الاخر جاه صوت لم يعرفه او تحديدا جاءه حزن يتسلل من خلال سماعة التلفون......
خالتك يا صاحبي..... خالتك مريم وسكت
وسكت....
.وسكت انا لم اجد الكلمات ولم اجد غير انا لله وانا اليه راجعون،
خالتك مريم يا صاحبي وكررها للمره الالف... فقلت لاحول ولا قوة الا ...
حينها لم أشعر الا وانا اقول أنا جاي بكره..انا جاي بكره
ووجدت نفسي اكرر هذه العباره وانا انتحب وسمعت صوت بكاء من الطرف الاخر....
ولم استيطيع ان ازيد‘او اسال كيف كانت لحظاتها الاخيره . .
فخالتي مريم انتزعت من هذي المحبوبة ام درمان فهي نشاءت وترعرعت فيها وتحفظ حي الشهداء وزقاقات حي العمده وود درو وبيت المال وكم تمشت بين ازقة حي العرب والمورده والعباسية
وشهدت ميلاد اجيال علي يدها فهي من اوائل من درسن في قابلات ام درمان ...
وحينما ارادو ان يكون الوطن جزءين اختار صديقي ان يكون جنوبي الانتماء وشمالي الهواء ....
وكان القانون يكفل له. جنسيتة القديمة ولكن قال لي يجب ان اكون في ذلك الحزء من الوطن لاشهد ميلاد دولة في زمن تتالف فيه الدول لتأخذ شكل مجموعات وليس زمن ينقسم فيه وطن...
فمن الصعب ان تولد مدينة نهايك عن بلد كامل..
قلت.. له طبعا اكيد.....
حينها قال لي لكن خالتك مريم، ماذا انا قائل لها
فقلت:. ارح نقول لها سواء ... وعندما جلسنا امامها ننظر الي بعضنا فاجأتنا بقولها... السفر متين..
عندها دمع صديقي واطرقت انا وقلت.. لابد من سفر عصي... لابد من سفر عصي... وعلي عجل لمم صديقي وخالتي مريم بعض اشياهم واتجهو صوب الوطن الجديدوعند وصولهم اخبرني صاحبي بمكالمه أقرب للبرقية
...
اختار صديقي المدارس الثانوية ليكون نضاله لعودة الوطن واحد واختار ان يدرس اللغة العربية رغم انه تخصص في اللغة الفرنسية والجغرافيا اختار تدريس اللغة العربية بعناد ظاهر وكان المسؤولين يقولون له. ان لك شهادات عليا في لغات اخر... فلماذا تدرس العربي.
وكان رده حاضر دوما وهو ( حتى لا ينقسم قلبي) . كان مدرس للغة العربية في دوله تكره اللغة العربية
...
خالتي مريم هذه الاحجية والتي كانت تعني لي الكثير فعندما كنت ازوغ من حصصي واترك ابنها يستذكر ويذاكر كان بيتها ملاذي انوم او اقرأ الروايات او اكل كامل الوجبات دون (من او ازي) وجل ما كان يهمها هو لماذا اترك دروسي وأقرأ الكتب العالمية ولا تقول لي لماذا تاتي الي هنا، لم تقل ذلك ابدآ وكانت بسمتها لا تفارق محياها .
.. وحين جلسنا تلك الجلسه لنخبرها بقرار صديقي باختياره ان يكون جنوبيا فاجأتنا بانها تعرف ماذا قررنا وتتفهم ذلك منذ اللحظات الاولي وسالتنا عن موعد السفر ولم تسألنا لماذا اختار صديقي ان يكون جنوبياً .
كأنها تقول هي مع اختيار الأرواح الشابه وتتمني ان لا تنكسر قلوبنا كما انكسر قلب جيلهم ...
وعند وصولها (خالتي مريم) الي ارض الجنوب كانت تحس بالغربة اكثر من الانتماء وتشعر بالواجب اكثر من العاطفة ومع استقرارها كان لايمر يوما الا وتشعر ان نبضها يضعف و عمرها يتناقص لم تقل انها تريد العوده الي ام درمان تلك المدينة التي احبت... ولم تذيد في قولها ام در ياحبيبه.....ولكن كان صديقي يعلم ان ورا هذه الترنيمة حزن لو جزناه لكفي مخالق هذا الكون وفاض كما انه يعلم تماماً دون قولها شي وكان يحتفظ بعشقها اللامتناهي لامدر و رغبتها التي صرحت بها ذات يوم بعيد و برغبتها بان تدفن في حمد النيل.... لم تقل ذلك مرة ثاتيه او تكتبه وصيه فهي اجمل من ان تتعب اوتكلف احد تعرف جيدا صعوبة اي اجراء بين الجنوب والشمال.
فاحتفظت برغبتها لنفسها ولكن صديقي كان علي يقين انها امنيتها الاخيرة..
صديقي حينما هاتفني كان في لحظات الصدمة الاولي فلم يراع لزمن ولم يهتم بمنام وأراد ان يشاطره كل العالم فقده . وتحدث عنها كما لم يقل شي من قبل حينها فقط ادركت اننا شعب يبخل بمشاعره ويضن بالامتنان فنقول (الله لا جاب يوم شكرك) لاننا نخجل ان يري الاخر مشاعرنا تجاهه ونعتبره نوع من الضعف..
وعندما اتصل بي اتصل ايضاً باخاه المقيم باحدي المدن الأمريكية حيث يحقق حلمه ويعيشه ونحن من كنا ندعوه سخريةً حتي قبل سفره باليانكي نعم كان يرسل بعض النقود بداية كل شهر ولا اظن ان صاحبي فكر ان يتصرف في هذه النقود وكان ياتي بها الي خالتي مريم التي تضعها بعناية تحت وسادتها لا لحوجتها ذات يوم بل لانها تزكرها بابن الحبيب الذي رحل لدار الخلود وتركها ترعى و تربى ولدين يقتسمان اسم الوالد ولكن يختلفان في كل شي حتي تفاصليهم الصغيره....
نعم احدهم هو ابن ام أخري ولكنه لا يناديها الا امي وحين سافر لم تنقطع محادثاته ولا تحويله وكان يكثر من الاتصال والالحاح بان توافق ليبداء اجراءت قدومهم اليه والح كثيرا فوافقت ان تلتقيه في مصر ليقضيا معا اجمل الإجازات، شهر عاشت بين ولديها ملكة متوجه وزارت فيها اثار مصر ومزاراتها واستمتعت بليالي سيدي الحسين والسيده زينب وسيدي البدوي واهرامات ابو الهول وزارت الغردقة وشرم الشيخ والإسكندرية واستمتعت غاية الاستمتاع..
وعادت الي ام درمان بروح جديده وكان يملؤها الفرح بروية ولديها معا بعد طول فراق.
هذا هو ابنهاالذي اخزته المنافي والكل يحسده علي ما هو فيه ولا احد يشعر بغربته وتالمه عداها فهي امه وان لم تنجبه من بطنها يكفيها انها رعته منذ طفولته حتي كبر وتعلم...
يزعم سيف اليزل (وهو اسم غريب اختاره
والده وسماه به) ، يزعم ان امه التي لم تنجبه تحس وتشعر به
وحين جاءه خبر الرحيل المر قرر السفر فورا ودون تاخيرلذا وصل اولا قبلي انا الذي تبعدني اقل من الف كيلومتر والكثير من الأنا وهو يبعد الاف الاميال فحين ذهبت لانال تاشيرة الدخول للجنوب كانت السفارة مغلقه الابواب( فهذا يوم عطله للسفارة) فكرت ان انتظر لنيل هذه التاشيره الملعونه ولكني ما استقريت علي هذه الفكره الا وجدتني اصل السوق الشعبي ومنه الي ربك ثم الي الجبلين ويكون اختياري السفر برآ برغم خطورته وهنا في الجبلين اخذت اسال عن خياراتي في الوصول وكانت معظمها ان لم تكن كلها تتصف بالمخاطر فاخترت ان بكون سفري عبر النهر او البحر كما نقول في لغتنا اليومية اخترت ان اُهرّب داخل وطني عبر آلبحر الذي يعني شريان حياة لكل الشمال والجنوب فهو اعمق من ان تمسه السياسة واهلها...
تالمت جدا وحز في نفسي ان اُهرّب داخل وطني كما الاغراب ولكن اصراري علي حضور دافنة خالتي مريم وان اواريها التراب بيدي هتاتين ....ذلك يهون كل الصعاب.
فسالت ريس المركب عن موعد سفرنا فكان رده مملو بالروتين والبساطه (الصباح رباح انشاء المولي) ...
تمشيت علي طول النيل وانا غارق في احزاني وافكاري حتي مالت شمس هذا اليوم للمغيب وانظر لمعسكر الجنوبين وقلت في نفسي تبا للساسة.
توسدت يدي وانا انظر للسماء الصافية ازكر خالتي مريم وضحكاتها وسمرها وكيف هي شفيفة حتي في وصيتها تجتهد في تغليفها بالود والحنان لتصل لصاحبها دون ان يظن بانها وصية مصدرها تكبر او امر بل هي نابعة عن حب وتقدير....
ومن الطبيعي ما يمر به صديقي الفنجري... وماذا هو فاعل بعد رحيل اقوي اسباب بقائه حيا وهل يستطيع التواجد في الجنوب بدونها؟ ام يختار العودة لام درمان؟ ام هل يتوكاء عصي الترحال ويصنع له حلم ليعيشة في ارض الاحلام مع أخوه اليانكي وهل وهل الكثير من هل وغلبني النوم وانا افكر.... .
ووصل اليانكي قبلي رغم ان مسافته تساوى اضعاف ولكن هو في بلد تسير بنظام ويسر وليس فيها من يقدمون أنفسهم علي العمل وليس هناك أمراض العظمه والانا التي تصيب مسؤليننا فتكون القوانين مفصله لتمجيدهم وجعل كل منصب علي مقاسهم .. وهو(اليانكي) الان ينعم بالنظرة الاخيرة لخالتي مريم او امي كما درج علي منادتها وانا في المنتصف مقيد بكثير من البرقراطية والسياسه.
نمت وانا اكثر حزن واحساس بالفقد..
وفي منتصف احلامي رن هاتفي وكان المتصل هو صديقي الفنجري
مرحب يا صديقي جاوبت
وجاني صوت صديقي (انت وين يا خالد)
انا انا الان في ام جلالة وساكون معكم صباح الغد..
رد لا يا خالد انت لازم ترجع عليك الرجوع لامدرمان دايرنك تشوف لينا شقه مفروشة بالقرب من حمد النيل ح ندفن خالتك مريم وبحسب رغبتها في مقابر حمد النيل..
وبين زهول اللحظة وعدم تصديقي سألته نعم نعم....
دايرنك في ام درمان ياخالد سوف ندفن خالتك في مقابر حمد النيل حسب رغبتها
لم اتمالك نفسي فبكيت بكيت بحرقه وآنا اقول حمدا لله حمد له اذن ساحدثك من هناك يا صاحبي.....
وكان صديقي الفنجري كما النحلة بين سفارة السودان ودواوين الحكومة ينجز كل المعاملات وا وا....
ولم يجد صعوبة كبيره فوالدته كانت في الاصل تنتمي للشمال وكل اوراقها تثبت ذلك وكانها تعرف ان هذه اللحظة قادمه فقد كانت شديدة الحرص علي كل ما يثبت اتنمائها الشمالي رغم حبها وزواجها من جنوبي وهاهي تختار الجنوب ارضاء لابنها ...
وحين طلبو ترحيل الجسمان لم يجدو صعوبة تزكر فقد كانت تتحسب لهذه اللحظة فلم تترك شارده او وارده في اوراقها الا وضعتها في ذلك المغلف الأصفر .
وحين جاء اخوه وسال عن وصيه او أمنيه يمكن تحقيقها لها كان يعرف رغبتها ان تدفن في حمد النيل... وكان رده ان امك يا ود امي اجمل من ان توصي او تحملنا مشقة وهي ميته فهي لم تكن تحمل احد اي انواع المشقة وهي حية ناهيك بعد موتها..ولكن لها امنية رغم صعوبتها سوف احدثك بها وهي ان تدفن في مقابر الشيخ حمد النيل... فوجي باخوه يقول ولي صعبه نحققها لها مهما كلفنا ذلك.
اراد ان يقول ان الامر يتعدي
المال و التكاليف ولكنه سكت حين سمع اخوه ونبرة التحدي تمتذج بالحزن وهو يقول هيانحققها لها..
وذهبنا لتسير الامور بيسر اذن هي العوده الي ام درمان نعم تختلف فارقتها امي وهي تنبض بالحياة وهاهي تعود لها جسه هامده ولكن العزاء ان تراب ام درمان التي احبته كثيرا سوف يضم رفاتها وتكون مثل كل ابناء ام در العيشة و الممات بين النيل وحمد النيل كقول الجميل هاشم صديق.. وبين النيل و حمد النيل ....